21 أبريل 2013

مناضلو الكيبورد.. وإسقاط النظام!


  
 








بقلم - يس علي يس

كلهم يتحدث عن التغيير، والتغيير تعني "تغيير النظام" القائم انسياقاً خلف التجربة التونسية والليبية والمصرية، مندهشين لقدرة تلك الشعوب على إزاحة أنظمتها بقوة الشعب وإرادته، هذا الجيل الشاب المنساق خلف "مناضلي الكيبورد" يحلم بربيع عربي في السودان يطيح هذه الحكومة "محاكاة" وليس إيماناً بقضية.!

نعذر الجيل الحالي لأنه لم يشاهد النموذج السوداني قبل 28 سنة من الآن حينما انتفض الشعب في وجه الرئيس الأسبق جعفر نميري في أبريل 1985 ولم نكن حينها كباراً بما يكفي ولكننا نستوعب ما يدور حولنا من أحداث بصورة واضحة جعلتنا ندون تلك الأنتفاضة في ذاكرتنا ونستعيد مشهد الجموع الهادرة التي خرجت في تلك الأيام مناهضة لحكم الرئيس نميري.!

نشأ هذا الجيل في توقيت أفضل ولم يعاني كثيراً في حياته فلا هو صادف صفوف البنزين الممتدة ولا هو ساهر الليالي في مخابز الرغيف للحصول على "خبيزات" تكفي الأسرة، ولا هو عانى الشح في أبسط مقومات الحياة العادية وجاهد أهله لتوفيرها له ولو من السوق السوداء لذلك كانت أحلامه مترفة بقدر ترف الحياة الذي عايشه!.

ونقول ترف لأولئك الذين سيشبون على حلوقنا ليقولوا "ورينا الترف ده وين"، ونرد ببساطة لنقول أن توفر "المواصلات" كان أمنية حينما كان الرجال يقاتلون في المركبات ويدخلون "بشباك" الحافلة، فما تلجأ الأخوات إلى حجز المقعد "بي شنطة أو كيس" للحصول عليه، كان حجز المقعد في أي مواصلات أصعب من الحصول على تذكرة سفر وإقامة بالولايات المتحدة، لذلك فإن المواصلات الآن هي نوع من الترف!.

والحصول على "رطل" سكر كان أمنية في ذلك الزمن حينما شرب الناس الشاي "بالبلح" وانعدمت السلعة تماماً من الأسواق، وكذلك الصابون والصلصة والبصل، كلها كانت من سلع الممنوعات والتي يشتريها المواطن من التاجر وهو يتلفت خوفاً من انكشاف أمره لأن الحصول على تلك الأشياء كان ترفاً عاشه الناس!.

لم يجرب هذا الجيل أن تسحن له "الفاصوليا" ليصنع منها الخبز ليقتات، ولم يجرب أن يمتحن 60.000 طالباً للمنافسة على ألفي مقعد في الجامعتين "الخرطوم، والقاهرة الفرع" فوجد كل شيء متاحاً بدءأ من "الروضة وترحيلها، حتى الجامعة"، فإن الجيل الذي سبقهم كان دخول الجامعة عيداً بالنسبة إليهم!.

لم يعاني هذا الجيل انفراط الأمن وزعزعة الاستقرار من زوار الليل، ولم يرهق أعينه بالسهر في "الدوريات" الليلة لحماية "الحلة"، ولم يعاني كذلك من مشاكل اختطاف الأطفال، ومن ظواهر الاختفاء في ظروف غامضة حتى إن أحدهم يخرج من منزله كل صباح ولا ينتظر أن يعود إلى داره، لذلك عاشوا ترفاً في الأمن والاستقرار ففكروا في التغيير!.

جيل الفيسبوك هذا يقضي يومه هذا في "الإعجاب" بالصفحات "المناضلة" وينساق خلف الشعارات البراقة التي يكتبها بعض الحالمين الباحثين عن التغيير لأهواء في أنفسهم، وكثيراً ما نتصفح هذا الموقع الجميل لنجد من يحدثنا عن انتهاكات، وعن مظاهرات في "الحتة الفلانية" والدعوة إلى إقامة مظاهرات مماثلة لزعزعة النظام وتغييره، ومحاولة إيجاد "ميدان تحرير" جديد في الخرطوم تنطلق منه الثورة!.

وكل مرة نجد لافتة مرفوعة في المكان الخالي تقول "حضرنا ولم نجدكم أيها المناضلون الشرفاء"!.

قبل أشهر كانت المظاهرات قد بدأت في نواحي العاصمة الخرطوم، وحين مررت بأحد الشوارع ووجدت أن المتظاهرين حطموا "إشارة المرور" في الشارع أدركت أنهم أطفال يبحثون عن الفوضى ليتسلوا فقط، وأنهم لا قضية لهم إلا تقليد النماذج التونسية والمصرية فقط لا أكثر ولا أقل.!.

كنت في القاهرة حين تابعت احتفال الشعب بذكرى 25 يناير، وفي شارع طلعت حرب كل الواجهات زجاجية، وكان مرور المتظاهرين بهذا الشارع كثيفاً ومخيفاً، ولم يتجرأ أحد على رشق واجهة واحدة بالحجارة ومر موكب المتظاهرين بسلام، فأولئك أصحاب قضية ولا يضرون أحداً أبداً ويحصرون احتجاجهم في مكان واحد هو "ميدان التحرير"!.

حينما يصل معارضو الكيبورد "ومحرشي" المراهقين إلى هذه المرحلة من الوعي سأكون أول من يخرج إلى الشارع ويهتف "الشعب يريد إسقاط النظام"!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق