20 مايو 2013

الميرغني: النظام أصبح "جيفة" يجب قبرها حتى لا تزكم الأنوف



محمد عثمان الميرغني



سواكن- خاص:


وجه رئيس مجلس تحرير الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة
، محمد عثمان تاج السر الميرغني، بياناً إلى جماهير الاتحادي الديمقراطي قال فيه "اختطف حزبكم من قبل سماسرة أنتم تعرفونهم جيداً حتى استسلم لصفعات المؤتمر الوطني، حتى صار لا كرامة له، وأصبح فرعاً من فروع المؤتمر الوطني"، مؤكداً أن النظام أصبح عبارة عن جيفة يجب قبرها حتى لا تزكم الأنوف, مؤكداً أن ساعة الحسم أوشكت والنظام إلى زوال بفروعه وحينها ستكون المحاسبة السفافة و العادلة.

وأضاف رئيس ومشرف الاتحادي الديمقراطي الأصل "ولاية البحر الأحمر": ستنهار الشجرة التي نخر فيها السوس بفروعها، فالنظام صار يترنح تحت الضربات المتتالية، والغضب الجماهيري.

وخاطب "الميرغني" الشباب الاتحادي الأصل قائلاً: لقد حسمنا أمرنا في الإقليم الشرقي، ووحدنا القوى الحية في تحالف "الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير و العدالة"، لتوحيد جهد المعارضة سعياً إسقاط النظام، مشيراً إلى سعي  الآمن لفرض شخصيات نكرة، لا قيمة أو وزن لها .

وناشد "الميرغني" الشباب بتوحيد الصف مع شباب الحركة الاتحادية، لان التاريخ واحد والقيادات واحدة، هذا بالإضافة لأحقيتهم بقيادة الحزب،  موضحاً أن تضحية معتقلي الفجر الجديد أكدت بأن الحزب بخير و فيه قادة يضحون بأرواحهم في سبيل الوطن, والآن الحركة الاتحادية هي التي تقود العمل المعارض، مطالباً بطي صفحة الأصل، وترك المسميات الكثيرة والتمسك بالحزب الاتحادي الديمقراطي مثل الحركة الطلابية.

وحيا "الميرغني" القيادات التي مازالت ممسكة بجمر القضية، من أجل تطهير السودان من دنس وخبث "الانغاذ" وفروعها، ولأجل المحاسبة واسترداد حقوق الشعب.

طابور الإجماع الوطني



















قلم- محمد عثمان إبراهيم

حان الوقت للأستاذ فاروق أبوعيسى، السياسي المخضرم والزعيم المستحق لزعامته، أن يتخلى الآن عن قيادة مجموعة ما يسمى بقوى الإجماع الوطني! حظيت بمتابعة الكثير من أنشطة الأستاذ أبوعيسى إبان نشاطه من خلال التجمع الوطني الديمقراطي واستطيع القول بكثير من الثقة أن أبوعيسى كان شجاعاً وواضحاً ومهيباً في معارضته للإنقاذ، وأنه مارس نشاطه المعارض بمسئولية واستقامة لم تتوفر لغيره من قادة ذلك التنظيم الآفل. عقب عودته للسودان ضمن ترتيبات اتفاق القاهرة (الفاشل) واصل الأستاذ معارضته ثم شارك في تأسيس ما يسمى بـ (قوى الإجماع الوطني) التي اثبتت الأيام أنها لا تستحق من اسمها شيئاً فهي ليست (قوى) ولا تعبر عن (إجماع) وسامسك عن نزع (الوطنية) منها لأنني ببساطة لا املك حق تخوينها.

خلال سنوات من نشاطها الموسمي المحسوب بدقة، لم تشكل هذه المجموعة أي تهديد للنظام الحاكم، كما إنها لم تمنح الشعب السوداني أي امل في غدٍ افضل بل ربما أكدت، غير مرة،  أن الغد (ابشع) وأن (الفجر) الذي يحسبونه قادم، هو اشد عتمة من اي وقت مضى! نجحت هذه المجموعة فقط في إثارة غيظ قطاعات كبيرة من الشعب بمواقفها ولست أدري كيف يبرر رجل في سن  المهندس صديق يوسف ومقامه الحزبي لنفسه بضع فعال  يصعب محوها الى الأبد!

يوم الأربعاء الماضي (١٥/٥/١٣) كتب البروفيسور عبدالله علي ابراهيم، الناشط السياسي والمدني والمثقف الرفيع، في هذه الصحيفة، مقالة زاهية الصدق بعنوان (البكاء في جوبا والعزاء في أبيي) تناول فيها ما اسماه بـ”اللحمة التي لا ترغم”  وشرحها بأنها تعني "القريب الذي لا يغتضب لمحنتك"  واحسب انه كان لطيفاً جداً مع قادة الإجماع المزعوم إذ أنهم لم يكتفوا بعدم الغضب لمحنة القريب، إنما ذهبوا يكايدون القريب وهو بعد يلعق جراحه ولم يكمل النواح على ضحاياه. سواء اتفق الرئيسان البشير وسلفاكير أم لم يتفقا على تصدير النفط أو تحسين العلاقات فإن الحقيقة التي لا تقبل الجدل أن جيش جبهة كاودا لا وجود له إلا بدعم جوبا، وإن ما حدث في أم روابة وابو كرشولا وأماكن أخرى مسنود بجوبا وإن دعم جنوب السودان للمتمردين على حكومة الخرطوم، قضية وطنية ينبغي ألا تقبل القسمة على اثنين. من يقف مع جوبا عليه أن يدرك أنه يقف ضد الخرطوم وضد ضحايا آلة الحرب من قتلى أهل السودان، وأيتامه، والثكالى الباقيات منه، والحزانى الصابرين. أهاج مقتل زعيم الدينكا نقوك كوال دينق مجوك،  في حادث مأساوي بغيض ومدان، أحزان قادة (الإجماع) فانبروا يتهافتون على موائد العزاء في الخرطوم وفي جوبا ويحزمون أوساطهم إذ يستعدون لإلتقاط الصور!  ربما حسبوا أن المسيرية لا يستحقون العزاء في قتلاهم وإن قتلاهم يستحقون الموت. حسناً، أما رأوا قتلى أبوكرشولا وأم روابة؟ هل قُتل هؤلاء في سجال الحرب في الخنادق أم أنهم كانوا ضحايا مدنيين؟ لماذا يسترخص (الإجماعيون) دماء اهل السودان الى هذا الحد؟ أما يستحق ضحايا هذه المجازر من الأقرباء بياناً صحفياً يترحم على أرواحهم الطاهرة إن عز إليهم السفر بالطائرات ولم يستحق عزاءهم وضع ربطات العنق؟

ذهبت للتحقق من معنى (الطابور الخامس) في الموسوعات والقواميس فوجدت أن العبارة تعني من يعملون في الداخل مع الثوار أو الغزاة في الخارج، وبما إن الشعب السوداني لم يشهد لـ(قوى الإجماع الوطني) تهديداً للنظام الحاكم أو عملاً محسوساً  سوى ما يبذله قادتها من مكايدات،  فقد خلصنا بأن هذه القوى تحتاج إلى جهد كبير تبذله حتى تستحق ذاك التوصيف. انتو قايلين لقب الطابور الخامس دا ساهل كدة؟

15 مايو 2013

"المؤتمر الوطني" يعتدي على مسيرة "العنف الطلابي" بجامعة السودان.. ويعتقل عدد من "الوحدة الطلابية"

طلاب "الوحدة الطلابية" ينددون بالعنف ضد الطلبة

كتب- مُيسر محمد مجذوب- سواكن
وقعت اليوم في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا بالخرطوم أحداث عنف، بين المؤتمر الوطني ( الحزب الحاكم والمسيطر على اتحاد طلاب الجامعة ) وجماعة الوحدة الطلابية، أسفرت عن إعتقال عدد من الطلاب وإصابة آخرين.
بدأت الأحداث بإقامة منتدى للوحدة الطلابية بجامعة السودان الجناح الجنوبي للتنديد بالعنف الذي يحدث ضد الطلاب داخل الجامعات، والذي انتهى بمسيرة طافت أرجاء الحرم الجامعي، اعترضها عدد من كوادر المؤتمر الوطني بالقرب من كافتريا (المهندس2)، وقاموا بالإعتداء على مسيرة "الوحدة الطلابية" بالأسلحة البيضاء والنارية.
وقال شاهد عيان إن طالب يدعى أحمد صلاح، ابن أحد قيادات المؤتمر الوطني في السودان، قام بإشهار مسدس صوب المسيرة وأطلق النار لتفريق الطلبة، ثم إنهال بقية الكوادر على طلاب المسيرة بالضرب، ومطاردتهم خارج أسوار الجامعة وإعتقال عدد من الطلاب وإقتيادهم إلى بيت النمل، من بينهم طالبين بكلية الهندسة وهم ياسر كسلا بالسنة الثانية قسم إلكترونيات و صالح خليل بالسنة الثالثة قسم كهرباء، إضافة إلى إصابة عدد كبير من الطلاب.
كان المؤتمر الوطني قد اشتبك الأربعاء الماضي مع جماعة الوحدة الطلابية، وقاموا بفض ندوة "ابن رشد" بالقوة، عن طريق إطلاق النار داخل الحرم الجامعي، والتي على اثرها تم إصابة أحد أفراد الوحدة الطلابية.



14 مايو 2013

حركة تحرير كوش تعلن أراضي النوبيين منطقة حرب



صورة أرشيفية



كتب- إسراء النمر- سواكن

استنكرت حركة تحرير كوش إصرار الحكومة السودانية على إقامة مشروع سد كجبار في شمال البلاد، داعية كل النوبيين في شتى أنحاء العالم إلى الخروج في مسيرات ترفض أكبر كارثة تحدث لهم، وإعلان أراضيهم منطقة حرب.

وقالت الحركة في بيان: " لقد ظلت حركة تحرير كوش تراقب ما يدور في أراضي النوبيين من ﺇستغلال نظام الإنقاذ لكل شيء يخدم مصلحته الإنتهازية الضيقة من أجل بقاء نظامه، وقد قامت عصابات من نظام الإنقاذ بحرق أكثر 6 ألف نخلة في "نلوة" يوم 11 مايو، وهذا كله حتي يقوموا بتهجير النوبيين من أراضيهم، وبحجة ﺇقامة السدود في تلك البقعة الطاهرة من السودان".

وأضافت الحركة: " نقول لعصابات الإنقاذ لن تنفع معنا سياسة "لف الزراع" التي تستعملونها ضد الشعب النوبي من حرق وقتل وتهجير وضد الشعب السوداني لهذا اتخذت حركة تحرير كوش القرارات الآتية: إعلان الأراضي النوبية منطقة حرب، وﺇستهداف كافة الدواوين الحكومية التي تقع في الأراضي النوبية، وتطهير الأراضي النوبية من عصابات الكيزان، وﺇستهداف مقرات حزب المؤتمر الوطني، والبدء في عمليات نوعية تستهدف المخربين وأصحاب الأجندة الخفية وأزلام عصابات الإنقاذ والهوس الديني أمثال يوسف طاهر".

كانت الحكومة السودانية جددت أول أمس الأحد عزمها علي إقامة سد كجبار بشمال البلاد، وقال شرف الدين علي مختار، وزير المالية بالولاية الشمالية، إن الحكومة تملك الإرادة السياسية لتشييد السد وتوطين المتأثرين وتعويضهم تعويضا مجزياً، مضيفاً أن المعارضة التي يلقاها قيام السد من بعض القوى لها أغراض سياسية ولا علاقة لها بتنمية المنطقة.

فيما أكد المهندس مصطفي شلبي، أحد الأساتذة الذين قاموا بإعداد دراسات توضح مدى خطورة إقامة سد كجبار، إن الإغراق في كنتور 219 كما يدعي القائمون بالأمر سيصل حتي كرمة وجزيرة بدين، وفي حالة ارتفاع مستوى المياه في السد لـ 26.5 متر سيكون الإغراق حتي مدينة دنقلا وستختفي كل القري شمال كابتود بالكامل. وعند ارتفاع حجم المياه خلف السد إلى 16.5 متر سيكون التأثير حتي تمبس.

وأضاف إنه في حالة قرار الحكومة برفع مستوي السد حتي كنتور 226.5 لزيادة انتاج الكهرباء - حسب الخطة الموضوعة في الدراسات - سيكون الغمر شاملاً حتي قرية كابتود بدنقلا، وجزء كبير من مدينة دنقلا، وستختفي جزيرة مقاصر بالكامل.

12 مايو 2013

من فيكم يعرف "الجُرغُبّه"؟





















قلم- سراج عمر

"الجُرغُبّه" اسم يطلق على الشكل غير الهندسي وغير المفهوم.. المتشابك غير معروف البداية ولا النهاية، الشكل الذي ارتسم نتيجة للتراكم المتتالي لمجموع الحلقات الشريرة التي ظل رجل إفريقيا المريض يدور فيها منذ الأزل، فكانت الحلقة الأولى (الحلقة لام): ديكتاتورية.. ديمقراطية.. ديكتاتورية، فصارت حرب..  مفاوضات.. حرب، أو تفاوض.. انسحاب.. تفاوض، وإلى آخرة من الحلقات. 

قد لا أكون متشائماً إذا ما توصلت إلى حقيقة أن الرجل سينقسم للمرة الثانية خلال ثلاثة أعوام وسيكون الانقسام الثالث عقب الثاني بأقل من عام، إذا ما استمر الإسلاميين في حكم السودان، وإذا ما استمرت القوى السياسية في التحالف مع تنظيم الحركة الشعبية الذي يلعب دور محوري في هذة الانقسامات.

توسمنا خيراً في اتفاقية السلام الشامل التي وقعت عام 2005، والتي انهت أطول حرب في إفريقيا التي استمرت لأكثر من 50 عام، فإعتبرنا أن تنظيم الحركة الشعبية بإعتباره تنظيماً ثورياً يسعي لترسيخ الديمقراطية ولترسيخ مشروع السودان الجديد الذي علقنا عليه الآمال، لكن للأسف كان مشروع السودان الجديد هذا هو السودان المنقسم لأكثر من 4 دويلات!

أذكر في صيف عام 2010 أن القوى السياسية وبقيادة الحركة الشعبية دعت للتظاهر رفضاً لقانون الأمن الوطني المُعيب الذي أجازه البرلمان الإسلامي، خرجنا يوم أثنين من مقر حركة تحرير السودان بأم درمان متوجهين صوب المجلس الوطني، لم نندهش لتعامل الشرطة بوحشية مع المتظاهرين وضربهم علي بعد 10 أمتار من دار حركة تحرير السودان إضافة إلى إعتقال العشرات من ضمنهم ياسر عرمان، أحد قيادات الحركة الشعبية ومرشحها لإنتخابات 2010، وهو الآن زعيم الحركة الشعبية قطاع الشمال بعد أن نجحوا في فصل البلاد، ذهبنا إلى بيوتنا بعد مطاردات مع الشرطة والأمن، كما أعلنوا عن مظاهرات في يوم الأثنين التالي لنتفاجأ أن أعضاء الحركة الشعبية الذين كانوا يمثلون جزء كبير من متظاهري الأثنين الأول قد تبخروا.

لم نستغرب كثيرا لهذا الموقف من الحركة الشعبية التي ضمن قبل الأثنين الثاني بعدة أيام أن برلمان الإسلاميين قد أجاز لهم قانون الاستفتاء، أي القانون الذي يضمن انفصال ثلث البلاد.

تدور الأيام وتتشابة المواقف وتكرر الحركة الشعبية نفس الموقف وتستغل القوى السياسية، حتي جاء التوقيع علي ميثاق الفجر الجديد الذي ضم مجموعة من الحركات المسلحة والمدنية فتبشر به عدد من الرومانسيين خيراً، فلم يكن إلا ميثاق لتقوية الموقف التفاوضي فكانت مسرح جريمة تفاوض فيه الحركة الشعبية علي دماء مئات الآلاف الأبرياء في مدينة اسمرا قبل أقل من شهر.

كان ياسر عرمان يعد العدة لنيفاشا طوال العشرين شهر السابقة، وأعتقد أن الحركة الشعبية الآن لديها القدرة لتنجز ما أنجزته في 50 عام في 20 شهر، لخبرتها منقطعة النظير في هذا المجال، ولتقوية الموقف التفاوضي هذا قام بإستغلال (الجبهة الثورية) التي تضم عدد من الحركات المسلحة بتصعيد عسكري يعد الأقوى منذ سنين استولى فيه على 4 مدن في ولايات شمال وجنوب كردفان، وكان علي مرمى حجر من مدينة الأبيض، وعلي بعد 650 كيلو متر من مدينة الخرطوم التي صرحوا بنيتهم في تحريرها، لكن سرعان ما انسحبوا بعد ساعات منتظرين فترة الشهر التي أقروها بعد تعليق المفاوضات في اسمرا التي فشلوا فيها.

لم يكن للحركة الشعبية بد سوي خلق طاب سياسي يبرر خروجهم من التفاوض ويقوي من موقفهم جماهيريا، فقالوا أننا خرجنا من التفاوض لأن النظام ليس لديه رغبة في حل المشكلة، ونحن نعتقد أن حل الأزمة هو حل شامل، ولا يمكن حلها تفاوضياً عن طريق تنظيمين متجاهلين بقية القوي السياسية.

هذا الكلام جيد في مضمونه، لكن أعتقد أن من قبل ولو مصافحة أي من مجرمي الإسلاميين يعد مشتركاً معهم في جريمة قتل ملايين السودانيين في الجنوب ودارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة، نهيك عن التفاوض معه.

كما أعتقد أنه من الأجدى للحركة الشعبية وبقية الحركات المسلحة أن تأتي وتحارب في الخرطوم بدلاً من المساهمة في قتل مئات الآلاف من المدنيين في دارفور وجبال النوبة، كما لا أعتقد أن دماء السودانيين في الخرطوم هي أغلى من دماء السودانيين في جبال النوبة، لكن الحقيقة العسكرية الصعبة هي أن هذه القوى الحاملة للسلاح لا تملك القدرات العسكرية لاسقاط نظام الإسلاميين.

حل الأزمة في تقديري يجب أن يكون شاملاً، كما قال "عرمان" وبمشاركة كل القوى السياسية بعيداً عن التفاوض مع الاسلاميين في السلطة.

كفانا من الدوران في نفس الحلقة المفرغة التي ظللنا ندور فيها منذ الأزل كالرجال البلهاء، وكما قال رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم): "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين".

6 مايو 2013

"شارع الحوادث".. مشوار الإنسانية يبدأ بقطرة دم





كتب- يوسف هندوسة- سواكن:

تحت شعار "معاَ لأجل أطفال السرطان وأمراض الدم" انطلقت مبادرة شارع الحوادث بمدينة الخرطوم، لمساعدة المصابين من الأطفال وتقديم العلاج لهم دون ثمن، خصوصاً الأسر المتعففة التي تقطن مستشفى جعفر بن عوف بسبب السرطان وأمراض الدم.

المبادرة يقودها شباب متطوعين لا يشغلهم سوى توحد السودان ضد المرض، بل السرطان، وصاروا يتعاونون بكل جهد لأجل الفكرة، وهي مساعدة المريض، إذ يبعثون رسالة من السودان إلى العالم: "لا تتاخر هنالك طفل ينتظر.. والمرض لا ينتظر"، وبالفعل نجحت الفكرة في الخروج من حدود الخرطوم إلى الولايات المتحدة، فهناك من تبناها ويعمل عليها بالتعاون مع "شارع الحوادث".

لذلك كان طبيعاً ألا يقاس اليوم لدى المبادرة بعدد الساعات بل بعدد الحالات التي يتم إنقاذها، فالهدف هو إعطاء المرضي من الأطفال فرصة للحياة دون تقيد بزمن محدد، ما جعلهم يُعدون لها منذ سنوات بتغطية إحتياجات أطفال السرطان من أدوية وفحوصات وعمليات عاجلة ونقل الدم، لتكون خطوة نحو إرساء قيم التكافل من أجل سودان أفضل.

حكايات من شارع الحوادث:

رفقة خير

 فى يوم تعرض أحد الأطفال - ليلاً - إلى انتكاسة، وكان بحاجة إلى صفائح دموية، وللآسف لم تكن متوفرة بالمستشفى والمستشفيات القريبة, ولم يكن أمامنا حل سوى التوجه إلى مستشفى الشرطة التي تقع أمام مستشفي جعفر بن عوف بشارع الحوادث ونحن نعلم أن الوقت يمضي والمرض لا ينتظر, أجرينا بعض الإتصالات للحصول علي عربة قريبة للبحث عن الصفائح الدموية لكن دون فائدة, ما جعلنا نتحرك إلى الطريق العام الذي لا يبعد عن شارع الحوادث كثيراً، وأخذنا سيارة وظن السائق أننا أهل المريض، وعندما شرحنا له مبادرة شارع الحوادث، اندهش ووعدنا أنه سيغير نظرته السلبية عن الشباب بعدم الذي رآه من جهد المبادرة في إحضار الصفائح الدموية بأقصى سرعة.

الدم يأتي عبر الطائرات

أيام شارع الحوادث كثيراً ما تكون مؤلمة ومفعمة بالأمل في نفس الوقت، وتعرضنا لحالة يدعى طلال الذي كان بحاجة إلى فصيلة دم من أندر الفصائل, قام أحد المتطوعين بنشر فصيلته على صفحته الشخصيه على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" فاذا بمتبرع سوداني الأصل مقيم بدولة كينيا يلقي الله الخبر بين يديه فيتبرع هناك ثم يتصل بنا ليخبرنا بأن الدم فى طريقه لكم بالطائرة, مثل هذه الحالة تجعلك مؤمن أن المجتمع السوداني لا خوف عليه محافظ على كل عاداته السمحة، وأن الدم يعنى الحياة، ليس طبيا فقط بل حياة القيم الإنسانية ومواصلة طريق الأجداد دون أى إعتبار لحدود جغرافية أو كيلومترات حدودية، فقط حق الإنسان فى الحياة هو الرابط.

هلة فرح .. أهة حزن

من مدينة ربك بالنيل الأبيض حضر إلى السرير الأبيض بمستشفى جعفر بن عوف صلاح, والذي كان من المرضى المحبوبين الذين تركوا أثر كبير في نفوس المتطوعين والأطباء. وجدناه ملاكاً يطل بابتسامته رغم ما تحمله من ألم السرطان والسفر، إذ ظل يسافر من ربك إلى الخرطوم لمدة شهرين، ما جعله يضطر إلى السكن في بيت خاله بالخرطوم كي يكون سهلاً أن يأتي مع والده إلى المستشفى لتلقى العلاج والمتابعه معه، وفى الوقت الذى تأكد الأطباء من اصابته، انتقل إلى برج الأمل للسرطان, لكن ظل ضيف لدى مستشفى جعفر بن عوف يزورنا من حين لآخر، ليلقى التحية أو الإبتسامة على الأطباء وأصدقائه الأطفال، إلى أن اختفى عنا، وغربت إبتسامته، بإنتقاله إلى السماء.