10 أبريل 2013

سودانيات ضد الطغيان




 














بقلم- يسرا المهدي

في السادس من إبريل عام ١٩٨٥ كانت انتفاضة شعب ضد حكم العسكر.

هذا كان شعب السودان الذي يتميز بنساء كانت لهن القدح المعلي في صنع تلك الإنتفاضة، إذ خرجن إلى الشوارع.. خبان الصبية والطلبة في البيوت.. وقف بجانب الزوج والإبن.

كتب صاحب البطاقة الشخصية محجوب شريف، أحد معتقلي زنازين نظام مايو، ما غناه حديثا الفنان النوبي محمد منير (الشعب الطيب والدي.. المهنة مناضل بتعلم).

وكتب إلى والدته وتدعي مريم: يا والدة.. يا مريم.. يا عامرة حنية.. انا عندي زيك كم.. يا طيبة النية بشتاق.. وما بندم اتصبري شوية.. في أجمل ما يتغني به المعتقلون والمعتقلان لليوم في نزاع الشعب مع الأنظمة المستبدة.

يا والدة يا مريم

نساء السودان العظيمات

ماذا حدث للحركة النسوية في السودان بعد مجئ الحكم العسكري، الذي جر في أذياله حكم إسلاموسياسي !؟.

لنا أن نتصور ماحدث للعقلية النسوية في السودان من تدهور بعد أن كانت تقارع العقلية في أكثر الدول تقدماً في العالم الأول.

نعم جلس العسكر علي كرسي الحكم، وترك للرجل الثاني الظلي حسن الترابي مهمة تنفيذ "وئد الحركة النسوية"، وذلك بسن القوانين المكبلة للحريات وشل التنظيمات الخاصة التي كانت بمساواة المرأة خصوصا الحزب الشيوعي، وتغليب الأحزاب العقائدية والتي بطبعها تطور المرأة فيها ضعيف.

ثم بعد تمكنهم من كل مفاصل الدولة السودانية، اعملوا كل جهد في تأطير المرأة، وفرض وصاية مجتمعية عليها، وتقنين هذا بما يسمي بقانون النظام العام وتطبيقه بما يسمي شرطة النظام العام والأمن المجتمعي.

واستخدموا كل سمات المجتمع السوداني والتي تتمثل في خوفه على النساء، واعتبار أنهن مصدر العار إذا عُرف عنها أي شيء شخصي لا يتلاءم مع أعراف وتقاليد المجتمع، وهكذا تقبل الشارع السوداني الوصاية الحكومية علي النساء ولباسهن وحجابهن، وقاومت النساء بالتأكيد لكن المجتمع لم يقف معهن طويلاً بعد انهيار المقاومة.

وخٌلق جيل جديد عام 1989 والذي ظلم بعدم وجود منابع ثقافية ورائدات للتوعية العامة، وفي هذه الأعوام نشطت التوعية بالحجاب وترهيبهن من عذاب النار، وظهر كل ما من شأنه إفهام الفتاة أنها مجرد جسد، عليها تغطيته، وإلغاء عقلها تماماً، معتبرها جزء مٌكمل للرجل وليس مواطنة كاملة.

وهنا أذكر قول  الشاعر السوداني محمد المهدي مجذ "ونساء كالغربان يحمن في وسط الخرطوم"، في إشارة منه إلى انتشار الزي الوهابي من عبايات سوداء، واندثار الملابس والتوب المميز للسودانيات.

ربما لا يمكنني تصوير ما جرى بدقة، لكن لاحظت تغير سمات النساء بسرعة، والضغط الحكومي والمجتمعي الذي مورس عليهن، ورغم ذلك ظلت المرأة في مقاومة كل هذا في كل مناحي الحياة خاصة في الحياة السياسية، ما ساهم في إنقاذ الكثيرات من يد بطش المفاهيم الإسلاموسياسية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق