30 أبريل 2013

سودان عصياً على الفهم















بقلم - سوسن عبد الحميد الشيخ

 في مروري أحيانا بالقرب من ميدان المحطة الوسطي بمدينة بحري، كثيراً ما أتوقف أمام الرصيف الذي يعرض فيه باعة الكتب من أبناء الجنوب الشقيق بضاعتهم، ونشأت بيني وبين بعضهم صداقة، كصداقتي مع العم بيتر، رغم فارق العمر، فهو يقارب الستين طويل القامة، أبنوسي، فاحم، يضع قبعة، وكثيرا ما كنت أمازحة بقولي:"طاقية سلفاكير".

وفي اليوم التاسع من يوليو2011م، وهو اليوم الذي اختار فيه أبناء الجنوب طوعاً وبملء إرادتهم الانفصال في دولة مستقلة، بعد استفتاء، حضاري، قلت في نفسي هل سأجد غداً العم بيتر في مكانه أم سيكون غادر تمهيداً لعودته إلي بلاده؟.

ولم أندهش مطلقا عندما وجدته هو وكل الباعة من أبناء الجنوب في أماكنهم يمارسون عملهم بصورة عادية، لم يضايقهم أحد ولو بكلمة واحدة، لم يأت باعة آخرون يحملون العصي لطردهم، طمعاً في مواقعهم.

وللحظة قصيرة طاف في ذهني شريط الأحداث التي أعقبت استقلال باكستان عن الهند من مذابح دموية مروعة، قتل، وذبح.

وفي صمت مددت يدي أًقلب أحد الكتب وترنمت: "نحن شعب نسيج وحده"، وكانت نظرات العم بيتر تقول نفس الشيء. 

في ذلك النهار الإبريلي القايظ من نهارات الخرطوم، دلفنا إلي بهو برج الفاتح، وصعدنا إلي الطابق الذي يعقد فيه الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر مؤتمره الصحفي حول نتائج الانتخابات السودانية الأخيرة، كان المؤتمر قد قارب على النهاية، وكانت القاعة مليئة بمندوبي وكالات الأنباء العالمية، ومراسلي الفضائيات الكبرى.

وأخذت أتطلع في وجوههم، ووجدت أن نظرات الكثيرين منهم مليئة بالخيبة، هاهُم سيعودون إلي بلادهم خالي الوفاض، وكانت لا تزال الأحداث التي صاحبت الانتخابات الكينية عالقة بالأذهان، نيروبي ممتلئة بالجثث و القتلى بعد احتجاجات المعارضة حول نتائج الانتخابات .

وتطلعت ببصري من خلف البهو الزجاجي متأملة  النيلين الأبيض والأزرق وهما يتعانقا في هدوء، فما انفصلا، ولا انحسرا، ولا اختلفا، ولا تشاجرا، وحينها مر بقربي الدكتور صلاح حليمة مندوب الجامعة العربية بالخرطوم فسألته: هل كنت تتوقع أن يتكرر سيناريو كينيا في السودان؟ فضحك وقال: "من معرفتي بالشعب السوداني أقول مستحيل".

وبرغم المرارات والأخطاء، والجراح لن يكون السودان عراقاً أو صومالاً أو حتى سوريا أخرى، هي ليست رواية رومانسية حالمة، ولكننا كسودانيين تعودنا علي حل خلافاتنا بالعقل والحكمة، تلك الحكمة التي اكتسبناها من نبي الله موسي، ونبي الله الخضر، حينما التقيا في الخرطوم، وأخذناها عن لقمان الحكيم.

 إنها دعوة للجميع حكومة ومعارضة، لوضع السلاح والجلوس حول مائدة المفاوضات،  فنحن كنا وسنظل، شعب الثورات البيضاء، والانقلابات البيضاء.

وسيظل السودان بتركيبته الفريدة عصيا علي الفهم حتى وإن طاف القائم بالأعمال الأمريكي علي حلقات الذكر ورجال الطرق الصوفية محاولاً أن يفهم.

الأديب عباس علي عبود يكتب لسواكن: مدارات
























سواكن - خاص- من ديوان شظايا الأحلام :

1)
إذا توهَّجتْ الشمسُ
يوماً
عند خاصرةِ السماءْ
محترقةً
للمرةِ الأخيرة
تُرى
هل نُدركُ المغيب؟

2)
هل مرَّ على ذاكرةِ المرايا
وميضُ أحلامٍ
لا تُدرِكُهَا اليقظة!؟

3)
قَدْ
تشتهي السفنُ رياحاً
فتأتي
إلا أنَّ المرافئَ
كثيراً ما تُبَدِّلُ إيقاعاتِها

4)
حينَ ترجَّلَ قابيلُ
مِنْ صهوةِ الجمالِ
ممتشقاً 
سنابكَ الدمْ
انسلَّتْ الشهوةُ الحمراءُ
باكيةً
تحتَ وطأةِ الحرية

5)
انتصارُ الفراشةِ على الضوء
هو احتراقُها على صهوةِ العشقْ
وانتصارُ الضوءِ على الزمن
هو الانسكابُ الفاجعُ الأخير

6)
ولأنني رملُ الطريق
أحتاجُ ظلاً
لا رفيقْ

7)
أشهدُ أنَّ الصباحَ
كان يغازلُ
بقايا الطيورِ الجريحةِ
عندَ منتصفِ المسافةِ
إلى ضفافِ الحرمانْ
فمن شَهِدَ منكم الجراحَ
فليُضمِّدها
ومن شَهِدَ منكم الصباحَ
فليصمت.

____________________________

عباس علي عبود هو كاتب، روائي، سوداني  مولود بالكوة، بمنطقة النيل الأبيض، صدر له:

- صهيل الفجر الغامض (مجموعة قصصية، القاهرة 1992)

- طقوس الرحيل ( رواية الكتاب الأول، الخرطوم 2005)


أعمال لم تنشر:

- ديوان شعر (شظايا الأحلام)

29 أبريل 2013

أمريكا وحلم التغير في السودان




















قلم- سراج عمر

خبر: الحركة الشعبية قطاع الشمال تنسحب يوم أمس عن التفاوض، كما صرح ياسر عرمان، القيادي بالحركة، بأن الحلول الجزئية ماعادت مُجدية، ولابد من حل شامل للأزمة السودانية، مؤكداً علي أن الحركة الشعبية قد طرحت أجنده واضحة للتفاوض على رأسها ما يحدث في مناطق النزاع وضرورة فتح مسارات لدخول المساعدات الإنسانية، لكن المؤتمر الوطني رفض هذه النقطة وحاول الوصول لحل جزئي.. وهذا مارفضناه.

في تقديري إذا كان التفاوض شي غير مجدي، يجب أن يعلم ذلك المجتمع الدولي الذي ظل يضغط علي الحركة الشعبية وعلى الكيزان لأجل التفاوض .

محاولة الكونجرس الأمريكي في إصدار قانون السلام والأمن يهدف إلى وضع إستراتيجية أمريكية تركز على كل السودان، وعلى الوصول الحر وغير المقيد للمساعدات الإنسانية الدولية، من أجل إتخاذ خطوات للتخفيف هذه المساعدات، والتشجيع إلى وجود إصلاح ديمقراطى حر وشفاف فى السودان، وزيادة التواصل مع أصحاب المصلحة الذين لديهم نفوذ على حكومة السودان مثل الإتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والصين، إضافة إلى إنشاء نظام عقوبات واسعة النطاق على الحكومات والأفراد الذين يساعدون الحكومة السودانية في إرتكاب انتهاكاتها جسيمة لحقوق الإنسان، والبحث عن تعزيز فعال لتنفيذ العقوبات الحالية بما فى ذلك توفير الموارد الكافية والموظفين ومد العقوبات المدرجة حول دارفور لتشمل كل السودان، وتوفير مساءلة حقيقية عن الجرائم التي أرتكبت في دارفور، وتشجيع البلدان الأخرى لتوسيع جهود المساءلة الدولية لتشمل الجرائم التى ارتكبت فى أقاليم السودان.

 وأرى أن مشروع القانون هذا يعني أن الولايات المتحده تقف الآن في لب الأزمة السودانية، وهذا المشروع جيد في مضمونه، ويعني أن الولايات المتحدة إذا ماكانت جادة في هذا المشروع، قد تحدث تغيراً لا بأس به في عملية التغيير بالسودان.

والجدير بالذكر أن المعارضة السلمية في الداخل لابد أن تتخذ مواقف أكثر جرأة تجاه ما يحدث، وأن تحرك قوتها وتبدأ في تنظيم الصفوف لإعتقادنا أن الحل السلمي واجتثاث النظام من جذوره هو الفيصل في عملية التغيير، وأن الإعتماد على التدخل الأجنبي لا يجدي نفعاً في إنجاز عملية تغيير شامل، وربما يكون عاملاً مساعداً، إضافة إلي أن الدعم الأجنبي دائما ما يكون مشروطاً ويرتبط بالمصالح الإقتصادية والسياسية للدولة المتدخلة.

كما أن حل الأزمة يعتمد علي بناء حركة شبابية واعية، قادرة على إنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية في السودان، وقادرة علي استيعاب تحديات المرحلة، وأن تكون صاحبة نظر ثاقب في حقيقة أسباب وطبيعة الصراع في السودان، وأن تجد الحلول ومن ثم طرحها في برنامج ثوري موحد، ومن جانب آخر لابد أن تتوفر للقوى السياسية (الثورية) في السودان الإرادة السياسية لإنجاز مرحلة التغيير.

28 أبريل 2013

مواطنو "أم دوم": الشرطة واجهتنا بالغاز الإيراني.. ولن نتراجع عن حق الشهيد


أهالي أم دوم يتظاهرون لأجل أراضيهم




إسراء النمر- سواكن

يومان مرا على مجزرة أم دوم -  بمحلية شرق النيل السودانية - الذي راح ضحيتها الطالب محمد عبد الباقي ذو الـ 16 عام، والمدينة لم تهدأ، والأهالي لم يتراجعوا عن حقوقهم في أراضيهم، بل صاروا أكثر تمسكاً بقضيتهم التي أطلقوا عليها قضية الدم والأرض.

ماحدث يوم الجمعة الماضية جعل الأهالي يد واحدة في مواجهة بطش الشرطة، التي أستخدمت جميع أشكال العنف في تظاهراتهم السلمية، ما جعلهم يردون بحرق قسم الشرطة يوم السبت بعد جنازة الشهيد، ويجتمعون لأجل وضع حلول لإسترداد حقوقهم، فقال مجدي شمس الدين، أحد كبار أهالي أم دوم، إن قضية أبنائنا هي الأهم وليست الأرض، فقد قتلوا واحداً من شبابنا وأصابوا 30 واعتقلوا 60 دون أي مراعاة لحقوق الإنسان، ونحن نعرف جيداً كيف نسترد حقوقنا، ولن نعترف بالإجراءات التي تمت بين الحكومة والمستثمرين بشأن أراضينا، وإن لم ينصفنا القانون، فستكون إختياراتنا مفتوحة.

واستكمل شمس الدين شهادته عن مجزرة أم دوم: "بيان الشرطة لا يمت بصلة للحقيقة، فنحن مواطنيين خرجوا للدفاع عن قضيتهم.. الأرض، وذلك في مسيرة سلمية، لكن الشرطة واجهتنا بالغاز الإيراني، وأخذ الأطفال والشباب يدافعون عن أنفسهم برشقهم بالحجارة.. في حدود بسيطة، لكن كان رد فعل الشرطة أكثر قسوة، فواجهونا بالرصاص الحي، وضربوا المصليين في المساجد، وسحلوا الرجال، وقتلوا الطالب محمد عبد الباقي، وكانوا يطاردون الشباب من داخل المنازل، ولم يراعوا الشيوخ ولا النساء، وأقول لولا صمود شبابنا ما انسحبت الشرطة".

وطالب شمس الدين بمحاكمة مدير الشرطة المحلية والعقيد بدر الدين المتهمين، فلا يمكن أن تدخل الشرطة البيوت وتقتل الناس.. ونسكت، مردداّ: "والله لن يضيع دم الشهيد هدر.. وإذا حدث رد فعل منا تتحمل الشرطة المسئولية".

فيما دعا عدد من النشطاء السياسيين والحقوقين إلى جمعة الشهيد الموافق 3 مايو، مطالبين بالقصاص للشهيد محمد عبد الباقي، وقالوا في بيان: "محمد خط بدمو الرايه.. في وش المدفع كاشف وشو.. قال للظالم ليك نهاية.. خلى جحافل العسكر يكشو.. قال للحاكم جوك بين.. دمنا ماهو رخيص لاهين.. بيفدي أم دوم الشاب والشايب.. وكل الدنيا حتسمع صوتنا.. لما يعود الحق الغائب.. أرضنا لازم ترجع لينا.. ماضاع حق وراهو مٌطالب".