6 مايو 2013

"شارع الحوادث".. مشوار الإنسانية يبدأ بقطرة دم





كتب- يوسف هندوسة- سواكن:

تحت شعار "معاَ لأجل أطفال السرطان وأمراض الدم" انطلقت مبادرة شارع الحوادث بمدينة الخرطوم، لمساعدة المصابين من الأطفال وتقديم العلاج لهم دون ثمن، خصوصاً الأسر المتعففة التي تقطن مستشفى جعفر بن عوف بسبب السرطان وأمراض الدم.

المبادرة يقودها شباب متطوعين لا يشغلهم سوى توحد السودان ضد المرض، بل السرطان، وصاروا يتعاونون بكل جهد لأجل الفكرة، وهي مساعدة المريض، إذ يبعثون رسالة من السودان إلى العالم: "لا تتاخر هنالك طفل ينتظر.. والمرض لا ينتظر"، وبالفعل نجحت الفكرة في الخروج من حدود الخرطوم إلى الولايات المتحدة، فهناك من تبناها ويعمل عليها بالتعاون مع "شارع الحوادث".

لذلك كان طبيعاً ألا يقاس اليوم لدى المبادرة بعدد الساعات بل بعدد الحالات التي يتم إنقاذها، فالهدف هو إعطاء المرضي من الأطفال فرصة للحياة دون تقيد بزمن محدد، ما جعلهم يُعدون لها منذ سنوات بتغطية إحتياجات أطفال السرطان من أدوية وفحوصات وعمليات عاجلة ونقل الدم، لتكون خطوة نحو إرساء قيم التكافل من أجل سودان أفضل.

حكايات من شارع الحوادث:

رفقة خير

 فى يوم تعرض أحد الأطفال - ليلاً - إلى انتكاسة، وكان بحاجة إلى صفائح دموية، وللآسف لم تكن متوفرة بالمستشفى والمستشفيات القريبة, ولم يكن أمامنا حل سوى التوجه إلى مستشفى الشرطة التي تقع أمام مستشفي جعفر بن عوف بشارع الحوادث ونحن نعلم أن الوقت يمضي والمرض لا ينتظر, أجرينا بعض الإتصالات للحصول علي عربة قريبة للبحث عن الصفائح الدموية لكن دون فائدة, ما جعلنا نتحرك إلى الطريق العام الذي لا يبعد عن شارع الحوادث كثيراً، وأخذنا سيارة وظن السائق أننا أهل المريض، وعندما شرحنا له مبادرة شارع الحوادث، اندهش ووعدنا أنه سيغير نظرته السلبية عن الشباب بعدم الذي رآه من جهد المبادرة في إحضار الصفائح الدموية بأقصى سرعة.

الدم يأتي عبر الطائرات

أيام شارع الحوادث كثيراً ما تكون مؤلمة ومفعمة بالأمل في نفس الوقت، وتعرضنا لحالة يدعى طلال الذي كان بحاجة إلى فصيلة دم من أندر الفصائل, قام أحد المتطوعين بنشر فصيلته على صفحته الشخصيه على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" فاذا بمتبرع سوداني الأصل مقيم بدولة كينيا يلقي الله الخبر بين يديه فيتبرع هناك ثم يتصل بنا ليخبرنا بأن الدم فى طريقه لكم بالطائرة, مثل هذه الحالة تجعلك مؤمن أن المجتمع السوداني لا خوف عليه محافظ على كل عاداته السمحة، وأن الدم يعنى الحياة، ليس طبيا فقط بل حياة القيم الإنسانية ومواصلة طريق الأجداد دون أى إعتبار لحدود جغرافية أو كيلومترات حدودية، فقط حق الإنسان فى الحياة هو الرابط.

هلة فرح .. أهة حزن

من مدينة ربك بالنيل الأبيض حضر إلى السرير الأبيض بمستشفى جعفر بن عوف صلاح, والذي كان من المرضى المحبوبين الذين تركوا أثر كبير في نفوس المتطوعين والأطباء. وجدناه ملاكاً يطل بابتسامته رغم ما تحمله من ألم السرطان والسفر، إذ ظل يسافر من ربك إلى الخرطوم لمدة شهرين، ما جعله يضطر إلى السكن في بيت خاله بالخرطوم كي يكون سهلاً أن يأتي مع والده إلى المستشفى لتلقى العلاج والمتابعه معه، وفى الوقت الذى تأكد الأطباء من اصابته، انتقل إلى برج الأمل للسرطان, لكن ظل ضيف لدى مستشفى جعفر بن عوف يزورنا من حين لآخر، ليلقى التحية أو الإبتسامة على الأطباء وأصدقائه الأطفال، إلى أن اختفى عنا، وغربت إبتسامته، بإنتقاله إلى السماء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق