استجاب عدد من الصحفيين السودانيين لدعوة الإضراب عن العمل، ولم يذهبوا إلى
مقرات الصحف التى يعملون بها، احتجاجاً على ما يصفونها بـ"تضييقات" السلطة
على الإعلام.
ودعت شبكة الصحفيين السودانيين، وهى تجمع مواز لنقابة الصحفيين التى يقول
صحفيون إن موالين للنظام الحاكم يسيطرون عليها، جميع الصحفيين بالبلاد إلى
الدخول فى إضراب مفتوح عن العمل، اعتباراً من اليوم السبت، لعدم تمكن
الصحفيين من تغطية الأحداث (الاحتجاجات الشعبية على رفع أسعار الوقود)
بحرية، ومنع الصحف من نشر الحقائق، بحسب ما جاء فى بيان لها أمس الجمعة.
ولا تزال صحف "القرار"، و"الأيام"، و"الجريدة"، وكلها مستقلة، ممتنعة عن
الصدور لليوم الثالث على التوالى، احتجاجاً على التضييق الأمنى على الصحف.
ولم تصدر صحيفة "المجهر السياسى"، مقربة من الحكومة، اليوم، وذلك بعد أن تم
مصادرتها أمس بعد طباعتها، وصدر لها أمر بعدم الصدور لمدة 5 أيام، بحسب
عاملين بها. وبالمثل لم تصدر صحيفة "السودانى"، المقربة من الحكومة، التى
تم مصادرتها أمس وصدر لها أمر أيضا بعدم الصدور لمدة 3 أيام.
فيما لم تصدر تصريحات رسمية حول عدم صدور الصحيفتين، أو سبب مصادرتهما أمس،
قال الصحفى بصحيفة "المجهر السياسى"، طلال إسماعيل، لوكالة الأناضول، إن
"جهاز الأمن أوقف صدور المجهر لخمسة أيام على خلفية تغطيتها للاحتجاجات.
وكان جهاز الأمن والمخابرات قد عقد اجتماعاً موسعاً مع رؤساء تحرير الصحف
السودانية، ومديرى الأجهزة الإعلامية المختلفة بالبلاد، مؤخراً، وطالبهم
فيه بتحويل الخطاب الإعلامى إلى "خطاب أزمة"، مشدداً على عدم تناول أخبار
المظاهرات إلا عبر البيانات الرسمية، بحسب مواقع إخبارية سودانية، ولم يتسن
الحصول على تأكيد أو نفى من السلطات حول هذا الأمر.
ويحتل السودان المرتبة 170 من أصل 179 دولة فى مؤشر حرية الصحافة الخاص
بمنظمة "مراسلون بلا حدود" الدولية الذى أصدرته فى يناير الماضى.
وبدأت احتجاجات شعبية فى السودان الاثنين الماضى، إثر رفع الدعم عن الوقود،
فى أسوأ اضطرابات يشهدها نظام الرئيس السودانى عمر البشير منذ سنوات.
يذكر أن الاحتجاجات تجددت اليوم، "السبت"، فى العاصمة السودانية، بعد تشييع
المئات من منطقة برى (شرق الخرطوم) قتيلاً، قال محتجون، إن الشرطة أطلقت
الرصاص عليه خلال مظاهرات أمس.
وبحسب شهود العيان، فإن المشيعين رفعوا لافتات تطالب بـ"القصاص"، ورددوا
هتافات "نحن مرقنا (خرجنا) ضد الناس، اللى سرقوا عرقنا"، وكذلك "نحن مرقنا
وما فى رجوع ضد الخوف وضد الجوع".
وخلال تشييع القتيل صلاح مدثر، قال متحدث باسم عائلة "سنهورى" التى ينتمى
إليها القتيل، وهى من أكبر العائلات فى الخرطوم "على الشباب مواصلة الثورة
لاسترداد كرامة هذا الشعب ووضع حد لمعاناته، كما يتوجب على المعارضة توحيد
الصفوف لإسقاط النظام".
وأفاد شهود عيان بأن عناصر الأجهزة الأمنية انتشرت بكثافة فى محيط منطقة
التشييع، والمقبرة التى دفن فيها القتيل "دون وقوع اشتباكات مع المشيعين"،
حسب قولهم. وفى سياق متصل تشهد الخرطوم، اليوم، انتشاراً أمنياً كثيفاً،
خاصة فى مدينة أم درمان، غربى الخرطوم.