مقـال بقلـم: محمد عثمان تاج السر الميرغني
لقد أدان د.حسن
الترابي في تصريح له ثورة 30 يونيو واعتبرها انقلاب على الشرعية! هل هذه الإدانة لتبخر
آمال الاستقواء بتنظيم الإخوان المصري بعد سقوط نظام تلامذته؟
ألم يأتي هو بانقلاب
عسكري.. عن أي شرعية يتحدث؟
بثورة 30 يونيو
انسحب البساط من الإسلام السياسي متمثلاً في تنظيم الإخوان المسلمين ورفعت الولايات
المتحدة عنهم الغطاء بعد الضغط الشعبي المصري، وما حالة الهياج التي أصابت قيادة الإخوان
والتي أفقدتهم الرشاد والتحكم في انفعالاتهم
إلا لهول المصاب ولإدراكهم تماما بأنها النهاية لتنظيمهم العالمي ففي سويعات
تبخرت أحلامهم (أحلام اليقظة) وأفاقوا من غيبوبتهم بصفعة شعبية قوية أصابتهم بحالة
تخبط وارتباك، هنا انكشفت دواخل التنظيم الدولي فتشابه موقف الفريقين في السودان وحصل
الموقف الباهت من النظام الحاكم (بأن السودان يحترم خيار الشعب المصري) وحرك منسوبيه
لحشد مسيرات التأييد لمرسي التي لم تجد التجاوب الشعبي فكانت هزيلة مثل حالة الهزال
التي هم فيها وتحدثت منابرهم في المساجد بانقلاب الجيش المصري على الشرعية وتناسوا
بأنهم جائوا على ظهر دبابة ما فعل هذا نظام الحكم في السودان إلا ليقينه بأن ما حدث
في مصر هو المسمار الأخير في نعش نظامهم فدور مصر العربي والإقليمي كان له الأثر الكبير
في تثبيت النظام في أيامه الأولى والكل يعلم مواقف الدول العربية تجاه السودان تبنى
على موقف مصر من السودان، وكان نظام مبارك في أيام الانقلاب الأولى يعتبر العسكريين
محترفين ولا ينتمون للإخوان المسلمين وما حدث التحول في الموقف إلا بعد محاولة الاغتيال
التي حدثت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وبعدها بدأت الولايات المتحدة في إضعاف
الدور المصري في المنطقة وخاصة فيما يخص السودان، فخرجت مصر من المشهد السياسي السوداني
ودخلت قطر بثقل في أحداث دارفور وهذا ما يؤكد على الرعاية الأمريكية لتنظيمهم الدولي ويؤكد بأنهم أداة تفتيت بامتياز في يد الإدارة الأمريكية
ظلت قطر والتي صارت مأوى لكل منسوبي التنظيم
الإخواني بعد أن قلب الابن أبيه وتولى الحكم وجاء الأمريكان بقاعدتهم العسكرية وتوافد
الهاربين من إخوان مصر مثل القرضاوي وصاحب شركات الريان وبدأت قطر في دعم النظام مالياً
وسياسياً بأحداث شروخ في فصائل المعارضة المسلحة الدارفورية وتولت الإدارة الأمريكية
جنوب السودان إلى أن جاءت اتفاقية نيفاشا وبعدها حدث الانفصال بقبول الانتخابات المزورة
والاعتراف الدولي بها على الرغم من وضوح فسادها وعيوبها فتم تمريرها حتى يبقى النظام
ويواصل مهمته في تفكيك السودان بإقرار فصل الجنوب وإيجاد الحلول الجزئية بمساعدة قطر
والاتحاد الإفريقي والتي لا محالة ستكرر إنتاج ومخرجات نيفاشا.
حدث الخلاف داخل
التنظيم في السودان وعادة ما يكون حول كرسي السلطة ومحاولة فرض مشروعهم الفاشل على
الشعب السوداني و بلغ الصراع ذروته إلى أن حدثت المفاصلة وحينها كشف المستور ولولا
هذه المفاصلة لما علم الشعب تفاصيل و خبايا ما كان يحدث منذ أول يوم لانقلابهم المشئوم،
وحتى يتقبلهم الشعب السوداني بدأت محاولات نقد الذات والمراجعات ولكن هذه لا تسقط الحقوق
ابتداء من وأد الديمقراطية مروراً بالتعذيب وبيوت الأشباح وإدخال الدولة في حالة حادة
من الاستقطاب بجلب الإرهابيين من أنحاء العالم وجعل السودان قاعدة لتصدير ثورتهم المزعومة
للبلاد العربية والإسلامية، فكانت المراجعات التي تقبلها الشعب السوداني بطيبة عنصره
و تسامحه وصار الشعبي من أقوى معارضي النظام وذلك لمرارة انقلاب التلاميذ على أستاذهم
والتي لا تزال ملازمة له، كما يبين هذا أيضا ضعف وارتباك المعارضة المدنية بخلاف المعارضة
المسلحة وكيف رأينا تنصلها من وثيقة الفجر
الجديد وهذا ما رجح كفة معارضة الهامش المسلحة ولولا وعي وإدراك قياداتها ورفضهم للحلول
الجزئية التي يسعى النظام إلى تحقيقها لكان بقاء السودان موحدا في محب الريح.
عاد الأمل للتنظيم
الإخواني بعد أن تولى الإخوان حكم مصر ورأينا كيف كانت مساعي المصالحة بين الفريقين
والتي فشلت لسببين رئيسيين أولهما تهالك النظام وترهل الدولة والدخول معهم يعني الانهيار
والضياع. كما لا يفوت ملاحقة محكمة الجنايات الدولية لرموزه والثاني أن الفريق الحاكم
وانتهازيته الطفيلية أحرزت مكتسبات من نهبها للثروة وسرقتها للسلطة فلن تفرط في الموارد
التي شحت بانفصال الجنوب حتى تقبل مشاركة آخرين فيها فهم يتقاتلوا في المتبقي والذي
لا يكفي شرههم، ربما أيضا عدم ثقتهم وأمانهم لبعضهم البعض فشيخهم لن يغفر لهم جراءتهم
عليه بإبعاده قسرا والزج به في السجون فهذه المرارة لم تفارقه ولن تفارقه إلا بانتقامه
منهم وهم يعلمون ذلك جيدا.
تعلق أمل النظام
في حكم الإخوان بمصر في منع وقمع المعارضة السودانية بعد إتمام عملية (التمكين) وبالنسبة
للشعبي فهو يرى أن نظام المؤتمر الحاكم شارف على الانهيار ويأمل في السند الإخواني
من مصر حال سقوط النظام السوداني فتبخرت الأحلام بتصحيح مسار ثورة الشعب المصري والتي
اختطفت من قبل الانتهازية الإخوانية والتي نحن كسودانيين نعرفها جيدا وعايشنا مراراتها
لربع قرن من الزمان. نحن في الإقليم الشرقي وخاصة في البحر الأحمر نؤيد ونبارك ثورة
الشعب المصري ضد الانتهازية الإخوانية وتصحيح مسار الدولة المصرية فنحن في الإقليم
الشرقي عانينا كثيرا من الأعمال الغير مشروعة التي يقوم بها نظام الانغاذ من اتجار
بالبشر وتهريب للسلاح فأذهب الأمن و الأمان
المعهود في البحر الأحمر فتارة يقصفنا الطيران الإسرائيلي وأخرى تشرفنا البارجات الإيرانية
وتسمح للمدنيين باعتلائها والتجوال فيها مع المخاطر التي يمكن أن تحدث لهم ووزير دفاعنا
الهمام يدافع بنظره.
صار أهل الإقليم
يخشون على أبناءهم و بناتهم من عصابات الاتجار بالبشر والتي يرعاها لصوص الانغاذ الذين
تجردوا من آدميتهم فجعلوا مراهقي الشرق من شباب وفتيات يافعات جعلوهم قطع غيار تنتزع
أحشاءهم وتباع لتزداد ثروات عصابات التهريب وأباطرة النظام ويلقى بهؤلاء الضحايا في
وديان وجبال البحر الأحمر لتأكل ما تبقى منهم الضواري، نحن نبارك الثورة المصرية لأنها
ستعيد دور مصر الإقليمي والإسلامي متمثلا في وسطية الأزهر الشريف ودورها الإلهامي في
المنطقة وخاصة حوض النيل، ونؤمن بأن علاقات
الشعوب أبقى وأقوى من الأنظمة و نثق في أن
هذه الثورة المباركة ستفضي إلى بناء علاقات شعبية قوية، متوازنة ومتكاملة بين
شعب وادي النيل مبنية على الاحترام المتبادل ورعاية المصالح المشتركة ببناء المشاريع
المدروسة والتي ستعم فائدتها لشعب وادي النيل بأكمله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق